الدراجة الكهربائية وصفة للموت^

يمكن بمبلغ بسيط يتراوح ما بين 1500 إلى 4000 شيقل، شراء دراجة كهربائية إذ تعتبر حلًا للأطفال ولكثير من الفتية للذهاب إلى مدارسهم ولقضاء احتياجاتهم، فسعرها مقبول واقتصادية غير مكلفة مقارنة بسهولتها وسرعتها التي تفوق الدراجة الهوائية.

وتعرف الدراجة اْلكهربائية بأنها دراجة بمحرك كهربائي متكامل لدفعها، وهناك فئات كبيرة ومتنوعة من الدَّرَّاجات الكهربائية المتاحة في جميع أنحاء العالم، منها ما يملك محركاً صغيراً لمساعدة دواسة السائقين، وأخرى دراجات سريعة تشبه الدراجات النارية الصغيرة في الوظيفة، ومع ذلك، تحتفظ بالقدرة على أن تُدار الدواسة من قبل الراكب وبالتالي فهي دراجة هوائية وكهربائية في آن.

وتستخدم الدراجات الكهربائية بطاريات قابلة للشحن كمصدر للتغذية (تشغيل المحرك وباقي الملحقات) وتقطع عادةً مسافات تتراوح من 25 حتى 32 كم/س. ويمكن للفئات (الدراجات) ذات القدرة العالية قطع أكثر من 45 كم/س.

وفي ظل هذه السرعات التي توفرها مثل هذه الدراجات، وسهولة الحصول عليها واقتنائها أصبحت تشكل خطرًا على مستخدميها بعد أن سجلت 3 وفيات خلال عام 2022  في دائرة الحوادث في الشرطة الفلسطينية.

دراجة بلا شارع

وعن تجربة قيادتها وامتلاكها، حدثنا الشاب محمد قاسم (16 عاماً) إذ يمتلك إحدى هذه الدراجات، ويقودها في بلدته عقابا قضاء طوباس، أنه يسوق دراجته الكهربائية داخل البلدة في عقابا منذ أكثر من سنتين، لتوزيع البضاعة عليها على المحال التجارية، ولقضاء ما يلزمه داخل البلدة، وأن هناك أطفالا وشبابا كثرًا بأعمار تتراوح بين  10 و18 عاما يسوقون الدراجة الكهربائية، وأيضا هناك رجال كبار بالعمر يسوقونها.

وعن مصدر شرائه للدراجة الكهربائية أوضح قاسم: أنه اشتراها من أحد المحلات للأدوات المستعملة التي تأتي ببضاعتها من إسرائيل.

وأضاف محمد: أنه أيضا يستخدمها في تنقلاته خارج البلدة بالذهاب إلى مدينة طوباس، وإلى  بلدة الزبابدة قضاء جنين، وأن سعرها يتراوح من 1000 إلى 3500 شيقل، والتجار الذين يبيعونها يأتون بها من  إسرائيل.

وأوضح قاسم: أن الشوارع في بلادنا غير مهيأة للدراجات الكهربائية، فالشارع غير مخطط أصلا للسيارات من خط فاصل أو متواصل ومشاة؛ “فكيف بدهم يعملوا مسالك للدراجات الكهربائية”.

وتابع محمد: سياقة الدراجة الكهربائية لا تختلف تقريبا عن سياقة الدراجة الهوائية لكن الدراجة الهوائية تحتاج لجهد أكبر وبطيئة مقارنة بسرعة الدراجة الكهربائية التي تتراوح بين 35 و40، فهي ليست بسريعة ولا بطيئة، وبطاريتها تعمل 3 ساعات تقريبا في كل شحنة .

وعن خطورة سياقتها بين قاسم: أنه  اصطدم برجل عجوز في شارع من شوارع البلدة الداخلية ولكنها “مرت على خير” دون أن يلحقه أذى، وخطورتها تكمن في سرعتها فإن الشباب اليوم يعتقدون بأنها مثل الدراجة الهوائية لكنها أسرع بكثير، وتحتاج لسياقة متأنية وانتباه عال في الشوارع الرئيسية والأزقة في شوارع الداخلية للبلدة على حد سواء، والكثير تقريبا من الشباب لا يلتزمون باللباس الواقي من خوذة وغيرها.

قانون واحد للجميع    

ينظم  قانون المرور رقم 5 لسنة 2000  سير المركبات بجميع أنواعها على الطريق من حيث تسجيل وترخيص المركبات، المتانة والأمن في المركبات رخص قيادة المركبات، قواعد المرور وآدابه من حيث: السلوك في الطريق والطريق ومسالكها، التحول والاستدارة والسير للخلف، الالتقاء والتجاوز والمسافة بين المركبات، السرعة، حق الألوية في المرور، وقوف المركبات وإعطاء الإشارات والإنارة، ونقل الركاب والحمولة وجر المركبات، المشاة والدراجات والحيوانات، وحوادث الطرق وإشارات المرور، الحافلات والمركبات العمومية، والرسوم، والعقوبات، وأحكام عامة وانتقالية.

حيث لم ينظم  قانون المرور رقم 5 لسنة 2000  عمل الدراجة الكهربائية، لعدم وجودها في حينه، ولم يتم تحديث قانون المرور المعمول به في فلسطين منذ عام 2000، والموجود به ما ينظم عمل الدراجة العادية  أو الآلية التي عرفها  القانون على النحو التالي:

 

للاطلاع على تفاصيل القانون عبر الرابط التالي: http://www.mot.gov.ps/pallaw52000/

 

تعليمات وليس قانونا!

وقال الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات موسى رحال: قانون المرور عرف ما هي الدراجة وما هي المركبات النارية كما عرف الدراجة الكهربائية، وبين القانون استخدامات الطريق، خاصة إشارات المرور والمسالك، التي تنطبق على كافة عابري الطريق سواء  الذي يسير على قدميه أو راكب دراجته أو مركبته أو أي وسيلة  نقل.

وأوضح رحال: أما الدراجة الكهربائية التي دخلت  حديثا على فلسطين ومن ضمن مصادر شرائها “إسرائيل” التي يوجد بها نظام وقانون وشروط لسياقة الدراجة الكهربائية، أما عندنا هناك تعليمات للجهات المعنية للتعامل مع الدراجة الكهربائية قريبة من النظام الذي وضعه الاحتلال.

بما يتعلق بالرخصة لقيادة الدراجة الكهربائية بين موسى: أن موضوع الدراجة الهوائية سواء كانت بقوة دفع من راكبها أو قوة دفع مكيانيكية مثل الدراجة الكهربائية، لم يتم تفصيلها بالقانون؛ إلا أنه من سيقود هذه الدراجة يجب أن يلتزم بقواعد المرور، وقدرة سائقها على السيطرة عليها والالتزام بأنظمة المرور، وهذا يتطلب سنا لا تقل عن 14 عاماً؛ كونه يكون مدركا أكثر لأنظمة السير.

وتابع رحال: أن الدراجة الكهربائية يجب أن يكون عليها عواكس وإنارة، وأن يلتزم سائقها بلباس الأمان من خوذة ولباس عاكس؛ لأن سرعتها عالية قليلا وبالتالي يجب أن يأخذ كافة التدابير الاحتياطية لسلامته في حال وقوع حادث لا سمح الله.

وأشار موسى لضرورة دور الأهل المهم في توعية ابنائهم ومنع سياقتهم للدراجة الكهربائية بعمر أقل من 14 عاما، وتوضيح الآباء لمدى خطورة سياقتها لعدم ادراك هؤلاء الأطفال من حيث السيطرة على الدراجة ومعرفتهم للأنظمة المرور.

وعن التعاون بين  وزارة النقل والمواصلات والشرطة الفلسطينية بما يتعلق بالدراجات الكهربائية قال رحال: نحن كوزارة نقل ومواصلات نسندهم بدوريات السلامة على الطرق  لمتابعة المركبات وصلاحيتها للسير، بالإضافة لكل ما يلزم حسب الحاجة بما يتعلق بتنظيم السير على الطرق.

وأردف موسى: أنه إذا خالف سائق الدراجة خالف أنظمة المرور ولم يلتزم، سيكون معرضا للمساءلة القانونية في حال ضبطه، والقانون حدد المسالك الخاصة  للدراجات الهوائية  أو عربات اليد، وكيفية سيرها على الطريق، وحدد أيضا مكان عبور الطريق “ممر المشاة” حيث أنه يجب أن يكون سائق الدراجة عند قطعه ممر المشاة ليس راكبا للدراجة.

وكشف رحال: أنه لا يوجد نظام أو قانون حدد شروط سياقة الدراجة الكهربائية من حيث سن القيادة لكن هناك تعليمات أن يكون سائق هذه الدراجات مدركا لأنظمة وقواعد المرور ولا يقل عن 14 عاما ولا يلزم رخصة سياقة لها، وهذه التعليمات معممة لدى الشرطة ولديها إجراءاتها التي تقوم بها من حيث حجز هذه الدراجات المخالفة من قبل الشرطة، في حال تم مخالفة سائق الدراجة الكهربائية لأنظمة السير أو كان من يقودها عمره صغير أقل من 14 عامًا.

ونوه موسى إلى أن بعض مستخدمي هذه الدراجات تكون حركته سريعة ويتنقل بشكل مخالف من مسار لمسار ومن رصيف لشارع؛ يعرضه للخطر ويعرض أيضا المارة للخطر، وخاصة أن الدراجات الكهربائية ليس لها صوت، فيجب ألا يقود السائق دراجته في المكان المخصص للمركبات وأن يقود دراجته بجانب الطريق “طرف الشارع”، فنجد الدراجة الهوائية اليوم في مراكز المدن في الاماكن المكتظة بالناس، ويسوقها بسرعة عالية فيجب الالتزام بأنظمة المرور لتجنب الحوادث، وأن يكون قائد هذه الدراجة مدركا وواعيا وقادرا على أن يتحكم بدراجته.

بما يتعلق بمصادر الدرجات الكهربائية أوضح رحال: أن الدراجات الكهربائية لا تحتاج لوكيل مثل المركبات، فأي مستورد يأتي بها بعد أخذ الموافقة من وزارة الاقتصاد، أو يتم شراؤها من” الطرف الآخر: إسرائيل” بعيداً عن الأمور الرسمية.

وبين رحال: أن هناك ازدياداً متسارعا في اقتناء الدراجات الكهربائية، وهناك تطوير على مواصفاتها الفنية، فتصل دراجات كهربائية سرعتها لأربعين كيلو متر بالساعة،  فتكون هنا قريبة من الدراجة النارية.

 

الشرطة تعاني

في المقابل، أوضح العميد رياض بني عودة مفتش حوادث الطرق بالشرطة الفلسطينية: إنه في عام 2022م يوجد 144 وفاة بحوادث السير منها 3 وفيات دراجة كهربائية، و2 وفيات بالدراجات الهوائية، وفي الدراجات النارية 7 وفيات، و3 وفيات في التركترون، فظاهرة الدراجة الكهربائية ومعدل الوفيات فيها في ازدياد في الشارع الفلسطيني.

وكشف بني عودة: أنه لا يوجد قانون ينظم سير المركبات الكهربائية، فالقانون المعمول به حاليا هو: قانون المرور الفلسطيني  رقم 5 لسنة 2000م؛ فحين وضع هذا القانون لم يكن هناك دراجات كهربائية، ونعاملها كشرطة فلسطينية معاملة الدراجة الهوائية، فليس هناك قانون ينظم سير الدراجات الكهربائية حتى الآن  في فلسطين من حيث تحديد سن من يقود الدراجة الكهربائية بــ 14 عاما وأكثر، فالشرطة الفلسطينية جهة منفذة للقانون، فلا يوجد قانون ينص على انه يجب أن يكون سن سائق الدراجة الكهربائية بسن معين، وأن يكون يمتلك رخصة أو أن تكون الدراجة مرخصة ومأمنة.

وأردف رياض: أنه يوجد قصور في القانون من هذا الجانب، فالشرطة الفلسطينية تعاني بالتعامل مع الدراجات الكهربائية لأنه لا يوجد قانون ينظم آلية سيرها ومن يقودها، فانتشرت هذه الدراجات باعداد كبيرة، وتعتبر دراجات سريعة حيث تصل أنواع منها لسرعة 60 كيلو مترا بالساعة، فتكون أسرع من السيارة بداخل المدن، ويقودها قصر وأطفال وكبار بالعمر؛ يتسببون بإرباك مروري، يقودون بين المركبات بطريقة غير قانونية؛ كل هذا يسبب لنا اشكالية  في التعامل مع هذه  الدراجات، خاصة مع عدم وجود بنية تحتية مهيأة لهذه الدراجات من طرق  مخططة ومسالك ولا أرصفة مخصصة للدراجات الكهربائية والهوائية.

وتابع بني عودة: أن الدراجة الكهربائية والهوائية والنارية تعتبر مركبة، وقائدها هو قائد مركبة وتعامل في حوادث السير معاملة مركبة، بمعنى إذا اشتبكت بحادث سير أي من هذه الدراجات يعامل قائدها كقائد مركبة بالمسؤوليات؛ فإذا كانت مسؤلية الحادث وقع بين دراجة كهرابئية وسيارة من حيث الحق على قائد الدراجة الكهربائية أو الهوائية، فلا يتم انزال قائد السيارة متهم على المحكمة؛ كونه غير متسبب بالحادث، ويتم انزال قائد المركبة الدراجة الكهربائية أو الهوائية متهم على المحكمة بناء على عمره، فإذا كان قاصرا أقل من 12 سنة لا يحول إلى المحكمة ولا يحاكم جزائيا، لكن حقوقيا يحق للمتضرر التوجه للقضاء ضد ولي أمرهذا الطفل.

وأضاف رياض: إما إذا كان غير قاصر من 12 لـ18 سنة يحول هذا الطفل إلى المحكمة ويحاكم جزائيا وحقوقيا من له الحق يقاضي ولي أمر الطفل، أكثر من 18 سنة يحول كقائد مركبة يحاكم جزائيا وحقوقيا.

وبين بني عودة : أنه لم يتم مخالفة قائد دراجة سواء كهربائية أو هوائية، وأن معظم سائقي هذه الدراجات من الفئات العمرية الصغيرة أطفال أقل من 18 عاما؛ فلا يتم تحرير مخالفات لهم؛ لأنه لا يوجد قانون ينظم عملها.

وأشار رياض الى ضرورة توعية الأهل لأطفالهم الذين يقودون الدراجة الكهربائية، التي تعتبر سريعة، فيجب على الأهل توعية أبنائهم ببعض القوانين المرورية من حيث كيفية قيادتها والسير بها وكيفية التعامل مع المفترقات والدورات والشواخص المرورية.

وذكر بني عودة: أن الشرطة الفلسطنية تقوم ببرامج في التوعية المرورية  في موضوع الدراجات الكهربائية تعطى للطلاب في المدارس، ومن وجهة نظرنا هذا غير كاف يجب أن تكون الجهود أكبر حتى نحاول أن نخفف من النتائج المترتبة على حوادث هذه الدراجة.

 

الدراجة الكهربائية دوليًا

عالميًا هناك مجموعة من القانون التي تنظم عمل الدراجة الكهربائية، سنذكر منها ما يطابق الأنظمة والمعايير الأوروبية:

تنص الأنظمة على أنه يمكن ركوب الدراجة الكهربائية فقط من سن 16 عاماً وما فوق.
وحتى سن 18، يجب ارتداء خوذة في جميع الحالات.
يُسمح بالركوب فقط على مسارات الدراجات، إذا لم يكن هناك مسار مخصص للدراجات، يمكن الركوب على الطريق بحذر ووفقاً لقوانين المرور، وعلى أي حال، يُحظر الركوب على الرصيف.
الدراجات الكهربائية هي دراجات مع محرك ذي طاقة قصوى البالغة 250 واط، بحيث يتوقف المحرك عن العمل عندما تتجاوز سرعة الدراجة 25 كم/ساعة، وذلك وفقاً للمعايير الأوروبية.
تنص الأنظمة على أن تكون الدراجة الكهربائية مجهزة بملحقات الأمان التي تشمل زموّرا أو جرسا، مصباحا أماميا مع ضوء أبيض، مصباحا خلفيا مع ضوء أحمر، عاكس ضوء من الخلف وعاكس ضوء باللون الأصفر على الدواسات.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تحمل الدراجة علامة رسمية مع عبارة “دراجة ذات محرك مساعد”.

والجدير ذكره أن  لجنة الاقتصاد في  كنيست الاحتلال وافقت بتاريخ 21.7.2014 على الأنظمة التي تحدد قواعد استخدام الدراجات ذات المحركات الكهربائية، ولقد دخلت هذه الأنظمة حيز النفاذ في 26 أيلول 2014، وفي 18 أيار 2016 بدأ تطبيق أنظمة جديدة التي تحدد سن الركوب على الدراجات الكهربائية إلى 16 عاماً على الأقل، بدلاً من 14.

وعلى الرغم من وجود القانون الذي ينظم عمل الدراجات والمسالك المخصصة لها، اعتبرت مؤسسة “بطيرم” لأمان الأولاد في “إسرائيل” عام 2021م،أن الدراجات الكهربائية باتت المسبب الأول للحوادث الذاتية للأولاد في “إسرائيل” بنسبة تصل إلى 75%.

مع أخذ بعين الاعتبار أن هناك أنظمة تنظم العمر المسموح به وكيفية سياقة الدراجة الكهربائية في الطرق المهيأة لديهم، في المقابل مصدر الدراجات الكهربائية في السوق الفلسطيني دول الاحتلال لكن لا يوجد طرق مهيأة ولا أنظمة تنظم سياقتها، إذ لم يسن قانون وأنظمة تنظم سياقة الدراجات الكهربائية في دولة فلسطين حتى إعداد هذا التقرير.

Related posts